الحج ركن من أركان
الإســلام , وهو أيضا غاية عظيمة يتمنى كل مسلم القيام بها و القيام بتلك المـناسك التي تقام على تلك الأرض الطاهرة
, الأمر الذي
دفعنا إلي تخصيص هذه المقالة إلي هذا الموضوع, حيث ستتمحور مقالة اليوم حول مناسك الحج و بالخصوص حول السبب الذي يدفعنا للحج أو بصيغة أخرى لماذا مرة من كل سنة يجتمع
المسلمين لأداء مناسك الحج ؟
يعتبر الحج من بين العبادات
التي تقرب العبد الى ربه و كما هو معروف فأن العبادات في الإسلام بجانب أنها شعائر
يؤديها المسلم لكونها مفروضة عليه من ربّه فليس عليه إلا الإذعان والخضوع والإمتثال
لأوامر الله وإظهار العبودية له بدون نقاش فهي أيضاً تحمل في جعبتها معانٍ كثيرة ، وترسخ أخلاقيات حسنة ،
وتثمر فوائد إجتماعية و صحية و إقتصادية و أخلاقية حميدة ومتنوعة ، تنفع المسلم و مجتمعه و
تنعكس عليه بالخير و الأجر , حيث أن
السبب الأول والرئيسي لقيام بالحاج من طرف المسلمين هو أنه ركن من أركان الإسلام حيث
لا يمكن أن يجتهد المسلم مع وجود نصوص من الكتاب و السنة تفرض عليه الحج إن كان ذلك بمقدوره , و بالإضافة
إلى اقتران الحج بالتعبير الاقتصادي
و وصفه
بموسم التجارة ، هو كذلك بالمفهوم الشرعي موسم عبادة و تعبد ، فهو صفة الوصل بين الوجبات التعبدية و الوجبات الإقتصادية
حيث يعتبر الحج الفريضة التي تشبك فيها شؤون الدنيا مع شؤون الآخرة، فأصحاب السلع والتجارة
يجدون في موسم الحج سوقاً رائجة ؛ حيث تنقل إلى البلد الحرام الثمرات من جميع أنحاء المعمور ، ويأتي الحجيج و معهم من خيرات بلادهم ما تفرق في
أرجاء الأرض ، و يتجمع كله في البلد الحرام في وقت واحد فيتم إختزال العالم في بقعة واحدة ، فهو موسم تجارة العالمي ومعرض الإنتاج الأول وسوق عالمية تقام بصفة دورية ، كما هو موسم عبادة خالص تغسل فيه الأرواح و الأخلاق وهي تطهر قربا
من الله في بيته الحرام, ويكون ذلك مثمراً ونافعاً حينما يعم الخير على الجميع
فتصل البلاد الإسلامية
إلى مستوى التميز والإنتاج ، بحكم حدوث تبادل السلع والمصنوعات الإسلامية سواء صناعةً أو تحويلاً ، و يترتب
عن تلك المنافع قوة إقتصادية للعالم الإسلامي ،
و لا ينقص فهم بعضهم من ذلك علي أن الحج ليس مجرد رحلة إختيارية و عفوية يبدّد فيها المسلم وقته وجهده وماله بصفة عامة ، ولكنها رحلة تستهدف
مشاعر نبيلة و صفات كإبداء نوع من التآخي والفوائد المتعددة في شتي المجالات , و هنا تظهر أسباب
إصرار المسلمين على الحج ، إذ هو مثول لأمر الله
كما هو زاد إيماني وتربوي ، وهو أيضاً فرصة لتبادل المنافع و الإنفتاح على الثقافات الأخري و كذلك هناك منفعة أخرى تتمثل
في وحد الحجاج و عدم وجود فرقٌ بين الرجل والمرء ولا بين الطويل والقصير ولا بين الشيخ
وشاب ولا بين الغني والفقر والميسور , فالحج يجعل المسلمين كأسنان المشط فمن كان به
كبر زال منه ولو في تلك الفترة وأعاده إلى تواضعه , ومن هنا يتبين أن الحج مدرسة تربى
في الحاج أشياء قد يكون الزمان قد أفسدها , و بالإستناد إلي قول عبد الكريم الخطيب في كتابه (التفسير القرآني) يتبين أن الله عز وجل أنعم علينا بنعمة الحاج رغم المشقة
اللتي فيه ,إذ يقول : (والمنافع التي يشهدها الوافدون
إلى بيت الله الحرام كثيرة متنوعة، تختلف حظوظ الناس منها، فهناك منافع روحية تفيض
من جلال المكان وروعته وبركته، وذلك بما يغشى الروح من هذا الحشر العظيم، الذي
حُشر فيه الناس على هيئة واحدة في ملابس الإحرام مجرّدين من متاع الدنيا، وما
لبسوا فيها من جاه وسلطان .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire